قلب لم يحتمل الحب ..( قصة )

إهداء
إلى كل قلب أبيض
ينبض حباً
للشجر
للزهر
للمطر

إلى
من يعيش
بالحب
وللحب

أهديكم قصتي
راجية أن تحوز على رضاكم

قطرة مطر

( القصة )

(1)
في منزلٍ صغيرٍ دافئ ترعرعت حنان ..طفلةٌ مدللةٌ بين أفرادِ أسرةٍ بسيطةٍ سقتها الحب والحنان ,غذتها رعايةً واهتماماً ,أحاطتها بأوراقٍ من الورد كي تحمي قلبها الصغير من كل ماقد يؤذيه.
كبرت لتغدو فتاةً هادئةً رقيقةً متواضعة مفعمةً بالبراءة ..تغمر البيت حيوية وضحكاً .كل من حولها من صديقات وجيران وأقارب يحبها.
اليوم تقدم امتحانها الأول في الثانوية العامة..تضاعف جهودها لتحصل على أعلى الدرجات
أمها تدعو لها بالنجاح وترعاها كعادتها وأبوها يطل عليها من حين لآخر في غرفتها .يراها تلازم كتبها ليل نهار وقد تغفو أحياناً لتلقي برأسها على مكتبها من شدة التعب يأتي ليوقظها كي تنام في سريرها .
تنهي حنان امتحاناتها .
تخرج من المدرسة فرحةً برفقةِ صديقتها فاطمة تفضل كلتاهما أن تعودا مشياً لأن السحب بدأت بالتلبد والسماء توشك أن تمطر ..تتحدثان وتحلمان بالمستقبل الجميل حتى عانقت أحلامهما قطرات المطر وتغريد العصافير المختبأة تحت أوراق الشجر .
لم تلحظ حنان أن شخصاً ما كان يتبع خطاها بسيارته .
كانت قد استأذنت والدتها كي تقضي يومها في منزل صديقتها فاطمة .استمر في ملاحقتها حتى دخلت منزل صديقتها .
عادت مساءً إلى المنزل .
حنان :مرحباً
الأب :أهلاً وسهلاً ..للتو عاد ت البهجة لهذه الدار

قبلت رأس والدها وذهبت لغرفة أمها عانقتها
حنان :أحتاج لحمام دافئ بعد يوم متعب بارد
الأم :ماهذا إن ملابسك متسخة وكأنك طفلة تلهو في الطين
حنان تضحك قائلةً :لم أفوت فرصة المشي تحت المطر فقد عدنا من المدرسة سيراً على الأقدام
الأم مبتسمة :جهزت لك الحمام...عندما تنتهين من الصلاة أكون قد انتهيت من إعداد الطعام ..ننتظرك .

انهت صلاتها ,جلست على سريرها, شدها الحنين إلى أوراقها التي كانت تبوح لها بما يخالجها من مشاعر وأحلام وردية ..رسمت لنفسها عالماً لا يدخله سواها .
استسلمت للنوم .
استيقظت على صوت أذان الفجر .صلت وأخذت تدعو الله عز وجل أن يوفقها ولم تنسى صديقاتها من دعائها
جلست تقرأ القرآن إلى طلوع الشمس .توجهت إلى المطبخ لتساعد والدتها في اعداد طعام الإفطار.
الأم : اتصلت أختك زهراء ليلة البارحة تسأل عنك ودعتك لتــــتنزهي معها اليوم فطفلاها ينتظرا أن تنهي امتحاناتك ليقضيا معك أحلى الأوقات فقد اشتاقا لكِ كثيراً.
حنان :كم اشتقت لهما .
حسنٌ يا أمي سأطلب من والدي أن يوصلني لها حال عودته من عمله .

توجهت حنان لمنزل أختها وكانت معها إحدى جاراتها وتدعى أم باسم
سلمت عليها حنان فردت أم باسم التحية وهي تحدق في وجه حنان قائلةً لزهراء :أليست هذه أختك حنان
زهراء :بلا ,إنها حنان
أم باسم : ماشاء الله ,لم أرك منذ سنوات ....لقد كبرتي .
غادرت الجارة المنزل وتوجهت العائلة للخروج من المنزل .
كانت حنان تقضي وقتاً ممتعاً برفقة أبناء أختها أحمد وزينب اللذان تحباهما ويحبانها كثيراً لتلك البراءة التي تسكنها .عادت للمنزل أتى والدها ليأخذها وهذه المرة أيضاً كان ذلك الشخص يتبعها .
طلبت حنان من والدها أن يتوقف عند المكتبة لتشتري بعض الكتب .
توقف هو أيضاً ودخل المكتبة ,واقتنى نفس الكتب التي اختارتها حنان .لاحظت حنان ذلك بعد أن لاحظت تتبعه لخطاها وهي تبحث بين الكتب عما تريد.
خرجوا واستمر في السير خلفهم .
حدثت نفسها بأن ذلك لم يكن أكثر من مجرد محاولات شاب لاصطياد فتاة .
رن الهاتف
حنان ترفع السماعة
نعم من المتحدث؟
السلام عليكم
وعليكم السلام
حنان كيف حالك؟
من أنت؟!
أنا صاحب السيارة التي كانت تتبعك .

يتبع

(2)
حنان تقفل الخط منزعجة
يعاود الإتصال وحنان تمتنع عن رفع السماعة

بعد أيام ....
حنان تنتظر أبيها أن يحضر الجريدة لترى نتيجتها
أثناء ذلك رن الهاتف . ترفعها بلهفة ظناً منها أن إحدى صديقاتها تبشرها بالنجاح
وإذا به ذلك الشاب
حنان مبروك لقد نجحتي بنسبة 95%
تختلط مشاعر الفرح بالدهشة .تركض نحو أمها تعانقها ..أمــــــــــــــــــي نجحت وبتفوق .
تحتفل العائلة بنجاح حنان
أقامت حنان وفاطمة حفل نجاحهما معاً بحضور الأهل وبعض الصديقات .
صعدت حنان إلى غرفتها لتتحدث مع فاطمة على انفراد عن ذلك الشاب وخوفها من ملاحقته إياها .وفكرت أن تخبر والدتها .وأثناء ذلك إتصل ذلك الشاب مرة أخرى.

أجابت حنان :دع عنك هذه التصرفات وإن لم تنتهِ سأعطي والدي رقم هاتفك كي يجازيك
المتصل : تريثي قليلاً ..حنان أحبك .
أصابتها رعشة سرت من رأسها حتى قدميها ,أحست بتلك الكلمة تلامس قلبها الذي لم يفتح بابه قط .لكن هذه المرة أسر بكلمةٍ واحدة ومن أول طرقة .
أغلقت الخط .
فاطمة :حنان ..من المتحدث وماذا قال كي يحمر وجهك هكذا !!
تلتزم حنان الصمت وتبقى فاطمة في حيرتها .

بعد أيام عاود الإتصال واستمر في ملاحقة خطواتها أينما ذهبت
قررت أن تضع حداً لذلك بأن تخبر والدتها .

الهاتف يرن ...وحنان ترد على المكالمة
مرحباً حنان

حنان :أنت أيضاً ...إلى متى تلاحقني .هل تعلم لما أظل مكتوفة الأيدي حتى الآن ولم أخبر أحداً عنك وعن طيشك..
هذا فقط لأنني لا أريد أن أتسبب في أذاك وأن لايفتضح أمرك أمام أهلك .

المتصل :قلت لكِ أني أحبكِ
أنا أعرفك وأعرف أنك فتاة محترمة وملتزمة بأمور دينك ولا تفعلين ما يغضب الله وأعرف عنك الكثير مما جعلني أنجذب نحوكِ دون إرادةٍ مني .
حاولت مراراً أن أمنع نفسي من التفكير فيكِ لكنني لم أستطع .
أرجوكِ امنحيني الفرصة ولن أضايقك أبداً وتأكدي أني أخاف عليكِ أكثر من نفسي .

هدأت بكلامه وأنصتت له .
تابع حديثه .............
كثيراً ما كانت تتحدث أختي عن المدرسة وزميلاتها بين أخواتي وأمي .وتأتي بذكرك حتى صرت أطرب لسماع اسمك ويحرك في داخلي احساساً ظننته قد مات .
أحست حنان بمزيد من الارتياح لحديثه .

أخبرها من يكون كي تطمئن له أكثر
اسمه باسم ويسكن بالقرب من منزل أختها زهراء .وكان يصادف أحياناً أن يراها وهي زائرة ً أختها .
فيزيد طيفها قلبه اشتعالاً في الحنين للقياها

حنان :أعتقد أنني التقيت بوالدتك في منزل أختي .
باسم :حقاً كم أحسدها .
حنان :أمي تناديني ..أستأذنك بالانصراف .
باسم : سأشتاق لك .في أمان الله .

مســــــــــــاءً

حنان مستلقيةً على الأريكة ..تأنب نفسها لتجاوبها مع باسم وهي تعلم أن ما تقوم به خطأ كبير .
لكنها تشعر بانجذاب نحوه يصعب عليها مقاومته
إنها مترددة ..خائفة من عاقبة أمرها .
وفي نفس الوقت كانت ترقب الهاتف تنتظر صوت باسم الذي ألفته وباتت تسهر الليل تسمع صوته وضحكاته تتردد على مسمعها تعيش بها وتغفو عليها .
............
يتبع

3)

تمر الأيام وتزداد حنان تعلقاً بباسم ,حتى أصبح النبض الذي يسكنها والهواء الذي تتنفسه أحبته بكل مافي الحب من معنى .
التحقت حنان بالجامعة لتدرس هندسة الديكور التي تميل لها كثيراً .

غاب عنها باسم عدة أيـــــــــــــام .....
أحست بالقلق لغيابه,لم تعهد منه هذا البعد فقد كان دائم السؤال عنها .لاينام حتى يسمع صوتها ويطمئن عليها .

أتت لزيارتهم أختها زهراء. جلست مع حنان ,لاحظت تغيرها والكآبة التي تعلو وجهها .
زهراء :مابك ياحنان !.أراك حزينة ..أين ضحكتك التي لاتفارقك ؟!!
حنان :لاشيء .فقط أشعر بالملل من طول أيام الإجازة .
زهراء :وهل أنا غريبة عنك ,كي تسكــــتيني بهذه الإجابة !!
حنان :لاتقلقي ما يشغلني أمر يخص إحدى صديقاتي .سأكون بخير.

تعود للجلوس وحيدة في غرفتها .تستسلم للأفكار التي تتقاذفها يمنةً ويساراً .تغلبها دموعها التي فاض الفؤاد بها
هذا الفؤاد الذي لم يعرف الألم يوماً .

اليوم التالي ..
ذهبت حنان إلى صديقتها فاطمة .لتبوح لها بسرها الذي ضاق به صدرها وأعيا قلبها .
تعاتبها فاطمة لما ارتكبته من جرم في حق نفسها وحق أهلها الذين وثقوا بها .فلم يشكوا يوماً في سلوكها .
أشعل هذا العتاب النار في جوف حنان وزادها هماً فوق همها .

خرجت حنان من منزل فاطمة باكيةً .أخذت تسير وحدها تتأمل السحب ,الأشجار ..وجوه الناس فترى الدنيا سوداء مظلمة. تصل إلى منزلها تركض نحو غرفتها تنفجر بالبكاء وإذا بالهاتف يرن .....!!

ترفع السماعة بسرعة تنتظر صوت حبيبها .
مرحباً ..من؟ باسم !!ماذا فعلت بي لقد أمتني .ماذا بك ولم غبت عني طيلة هذه الأيام .
ألم تعرف بأنك روحي التي أحيا بها .!!

باسم وبصوت متعب :حبيبتي حنان ,اشتقت لكِ كثيراً
حنان :مابال صوتك وكأنك مريض .

يصمت طويلاً ثم يجيب:أعياني التفكير بك وبأنني أخطأت في حقك كثيراً....
يواصل حديثه والتنهدات تقطع كلماته : لقد كنت أنانياً حينما اقتحمت حياتكِ وبحثت عن السعادةِ عندكِ لأحيل سعادتك إلى شقاء .
حنان :لم تقول ذلك .أنت السعادة والفرح ...اللحظات التي أقضيها معك هي أجمل لحظات حياتي ,إنني أحيا بك ولك فلا تبتعد عني .
تسمع صوت بكاءٍ يحاول إخفاءه.
حنان :هيا أخبرني ما الذي دفعك كي تقول ماقلت ؟
باسم :حنان ..أنا متزوج .
................
يتبع

(4)
بقيت حنان صامتةً من هول ما سمعت .أحست وكأنها في حلم مزعج
أقفلت الخط .
رأت جدران الغرفة تدور من حولها ألقت بنفسها على السرير .أخذت تلك الكلمة تتردد على مسامعها لتقتلها آلاف المرات في بضع ثوان .

ظلت تفكر...ما الذي جعله يقتحم حياتي ويخلق بي شعور غريباً أعيشه لأول مرة وأنظر للحياة من خلاله نظرةً وردية ثم يرديني قتيلة الواقع المر الذي أخفاه عني طيلة هذه الأشهر .
ظلت حبيسة غرفتها عدة أيام وهي تأسى لحيرةِ أمها وقلق أبيها

والألم يمزقها من الداخل تصرخ من أعماقها
أحبك

يا من أتوق إلى رؤياه
وأرهن العمر بلحظةٍ أغفو فيها على صدره ..وتضمني يداه
بعينيه أغرق ...
أترك الكون لأطوق روحي بسياج قلبه كي لا أرى سواه .

...........

تدهورت حالتها الصحية كثيراً .فتلك الفراشة المحلقة ذبلت والعينان البراقتان لم تفارقها الدموع والثغر العذب ودع الابتسام منذ تلك اللحظة التي تحطمت فيها أحلامها بالسعادة مع من تحب .

أصرت والدتها أن تأخذها إلى الطبيب .حينها قرر أن ترقد في المستشفى لبضعة أيام .
فقد أصيبت بهبوط حاد وانخفاضٍ في ضغط الدم لامتناعها عن الطعام .

كان باسم قد أخذ إجازةً من عمله.سافر بمفرده كي يهرب من واقعه المؤلم الذي كبله لسنوات بقيد من حديد .
كان فيه سجين القدر .الذي قاده نحو إمرأةٍ لا تعرف سوى المادة والبحث عن أمتع الأوقات مع صديقاتها وحفلات منتصف الليل .
حاول عبثاً أن يغير من سلبياتها أن ينصحها لكن دون جدوى .استمر في محاولاته لا لأجلها بل لوصيةِ والده عليها فهي ابنة عمه .ولأجل طفله الذي لاذنب له كي يحيى بين أبوين منفصلين.

عاش باسم حياته الزوجية يلقي الرماد على جراحاته .يحاول أن يتجاهل احتياجه العاطفي لكنه استسلم لطيف حنان الذي سكن روحه .فأحيا عروقه بنبضها وقضى ليله يسامروجهها الذي لم يره بل رسم ملامحه بقلبه .ملامح طفلةٍ بريئة .ذات قلب طاهر لم يشك يوماً في مدى صدقه وإخلاصه لها فأودعته قلبها لكنه لم يكن للوديعة صائناً .

عاد من سفره
أيقن أنه لن يستطيع العيش بدونها.فأقدم على خطوةٍ جريئةٍ .
تقدم لخطبتها بتأييد من والدته التي عاشت معه حرمانه من السعادة وكانت تلحظ تغيره في الفترة التي تعرف فيها على حنان .
صُدم والدها بهذا الطلب ,إذ كيف له أن يزوج ابنته من رجلٍ متزوج ويلقي بها دهالييز الضياع لتحيط بها المشاكل من كل صوب .

ما كان منه إلا الرفض ودون أن يخبرها .

لم ييأس باسم بل عاود الكرة وتقدم لها مرةً أخرى . وطلب من والد ها أن يشاورها .

تفاجأت حنان وطلبت من والدها مهلة كي ترد عليه برأيها .

............

قد أسكنها قلبه

سقاها الحب حتى أغرقها

نسجت بأحلامها الوردية صورةً لفارسها العاشق

الذي سيقبل يوماً ليمسك بيدها ويهرب بها لتكون أميرة ذلك القلب أبد الدهر

....................

اتصل بها باسم هاتفياً
لكن هيهات أن تنسى ما سببه لها من ألم .
ودعته وطلبت منه أن ينساها .
.............

يتبع

(5)

تمر الأيام
تبدأ الدراسة في الجامعة .وتعود حنان تلك الطالبة المجتهدة .تتعرف على مجتمعٍ أكبر وصديقات جدد ......
تمضي الأيام وهاهي تتخرج من الجامعة .
في هذه السنوات تقدم لخطبتها أكثر من شخص وكانت لا تتردد في رفضهم .إذ أن قلبها لم ينبض إلا لباسم .

عاد باسم للظهور في حياتها من جديد .
اتصل بها
باسم : حنان ,كم اشتقت لك ..ليتك قتلتني بدل أن تتركيني جريحاً أصارع الحياة .

حنان: أحبك.

باسم :ماذا قلت !! أعيديها

حنان :أحبك ولن أحب سواك ,أيقنت أن الحياة بدونك لاتساوي شيئاً .

باسم:هل أفهم من كلامك أنك تقبلين الزواج مني ؟

حنان :نعم .

باسم: حقاً .لاتلعبي بأعصابي .هل أنت متأكدة مما قلتي .
أقرارك جاء كردة فعل لاشتياقي لك ولهفتي عليك أم لاقتناعك به.

حنان :بل لقناعتي بأنني سأموت لو لم تكن لي وأكون لك .

و لولا يقيني بانهيار حياتك الزوجية قبل أن تعرفني لما قبلت الزواج منك .لا أرضى أن أكون من تهدم سعادة الآخرين .

تمت الخطبة ..هذه الليلة يتم عقد القرآن .ليرى باسم حبيبته لأول مرة
بدا وجه حنان كالبدر حال اكتماله ,موردة الخدين وعيناها تشع سعادة.

رسم لها في مخيلته ملامح جميلة لكنها لم تكن بهذا الجمال.
كانت خجلة ..إذ كان يتأمل عينيها مبتسماً ويطيل التأمل .
عانقها ,وضعت رأسها على صدره الذي انتظرته سنين .
ما مر بهما من عذابات كانت كفيلةً أن تدع العيون تحكي والقلب يشتكي لوعة البعد .

مرت الأيام ويزداد العاشقان عشقاً .تتفانى حنان في إسعاده تنتظر قدومه بالشموع الحمراء والعطر الشذي وأنغام الموسيقى الحالمة.

يعيش معها في جنتها لينسى متاعب عمله ومشاكل حياته .
تزوجا وسافرا لقضاء أيام خارج الوطن

كانت تلك الأيام ,أحلى أيام حياتها .
لكن ثمة أمرٍ يشغل باسم الذي يشرد بذهنه بعيداً من حينٍ لآخر .

حنان :حبيبي باسم .ما بك؟أراك قلقاً ...!!

باسم : لقد اشتقت لإبني .
لقد أيقظها من حلمها الجميل .أحست ببعض الضيق بل قلق وخوف من الواقع الذي ينتظرها .
إنها تعلم في قرارة نفسها أنه زوجٌ لأخرى وأبٌ لطفل ,لكن جنون حبه أنساها كل ذلك .

تمر الأيام ...........
يعود الزوجان من السفر .تذهب حنان لزيارة أهلها وباسم ذهب للاطمئنان على زوجته وإبنه .تفاجأ بأنها قد تركت المنزل .
عادت حنان .دخلت الشقة وإذا بباسم قد سبقها .لاحظت حزنه فأخبرها بما جرى .

شعرت بالندم .أيقنت بأن إقدامها على الزواج منه كان مجازفة خطيرة .لعب بالنار .
لازالت في أول الطريق ....تنظرللمستقبل بخوف واضطراب .

تدخلت والدة باسم وأخواته للإصلاح بينه وبين زوجته الأولى ونجحت محاولاتهم في إعادتها للمنزل .

بات باسم ليلته بعيداً عن حبيبته حنان .

ترى كيف قضت حنان تلك الليلة؟

>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
يتبع

(6)
سكون تام ..جدران كئيبة ..ترانيم باسم تتردد على مسمعها تناديها ..تلتفت ..ولامن أحدٍ سوى السراب .
دخلت غرفتها رسمته أمام المرآة يسرح شعره, يضع عطره ,يضحك معها .
ثوبه ملقاً على السرير, أمسكت به .احتضنته بكل شوق وحسرة .انهمرت دموعها .وضعت رأسها على مخدته .أخذت تبكي حتى نامت .

في صباح اليوم التالي
اتصلت بمقر عملها وطلبت قطع إجازتها .

انتظرت باسم أن يتذكرها باتصال هاتفي فكان انتظارها بلا نتيجة .
قضت يومها أمام عقارب الساعة حتى جاء المساء .

أتى باسم مشتاقاً
حاولت ألا تظهر عليها علامات الضيق والحزن الذي لازمها طيلة يومها .
استقبلته بابتسامة ....بحب ...باشتياق .

كانت تدعو الله في سريرتها أن يلهمها الصبر ومزيد من ضبط النفس والتعقل وأن لا تدفعها عاطفتها لتصرفات قد تندم عليها يوماً .

مضت أشهر وحنان تحاول جاهدةً أن تكيف نفسها مع الوضع الحرج الذي تعيشه وتزداد معاناتها منه يوماً بعد يوم .

في إحدى الليالي كان باسم عائداً من عمله فتح باب الشقة ورائحة البخور تستقبله وحنان تنتظر قدومه .

حنان :أهلاً حبيبي .كيف كان يومك .
باسم :وكيف سيكون حالي وحبيبتي حنان معي !؟

حنان بابتسامتها البريئة :جهزت ملابسك وحمامك بانتظارك .,دقائق وسأنتهي من تجهيز السفرة .
جلسا يتناولا طعام العشاء وإذا بهاتفه النقال يرن

باسم :نعم سآتي فوراً لن أتأخر .
باسم :حنان أنا مضطر للذهاب فزوجتي متعبة وسآخذها للطبيب .
حنان :سأكون بانتظارك .

عاد باسم متأخرا ًوحنان لا زالت مستيقظة تتنتظر عودته .
حنان :ما الخطب ؟
باسم : لا تقلقي.إنه مجرد إرهاق من الحمل .
حنان :هل هي حامل !؟
باسم :نعم منذ شهرين .
استغربت حنان من طريقة باسم في التحدث عن حمل زوجته وكأنه أمرٌ لن يسبب لها أي انزعاج أو ضيق .
حنان :مبارك .
استأذنته كي تخلد للنوم .
استلقت على سريرها أخذت تتذكر أيام دراستها وصديقاتها وكيف كانت تحلق بين سحاب الأمل تحلم بالسعادة وراحة البال
لكن أحلامها تبددت فكل يوم يزداد اضطرابها وقلقها وغيرتها التي تقتلها وهي تجلس لوحدها وحبيبها مع أخرى .وإن كانت زوجته
كيف لقلبها أن يستوعب ذلك .

تمر أشهر حمل الزوجة الأولى وحنان تلاحظ انشاغله عنها وشوقه وانتظاره لطفله الجديد.
أصبح يقضي وقته مابين عمله ومواعيد الطبيب والتسوق مع زوجته الأولى.

باسم الذي كان لايقوى على بعد حبيبته أصبح يغيب عنها طويلاً دون أن يشعر بالتغير الذي طرأعليه.ودون أن يلحظ أثر ذلك عليها .
مسؤولياته من زوجة وأطفال وعمل أصبحت شغله الشاغل أنسته ليالي الأنس قرب حبيبته أنسته البحر والقمر اللذان قاسماهما أجمل اللحظات .في حين أن حنان رهنت عمرها لأجل باسم .ولأجل حبٍ تعيش به وله.
كان لصبرها وحلمها وهدوءها الأثر الكبير في قلب باسم .
رأى فيها الزوجة الصالحة الحنون المرأة التي تشع أنوثةً وعشقاً .
كانت تهتم بكل تفاصيل حياته ,تفرش سجادته حال سماعها الأذان وإذا اضطرت للخروج من المنزل وقت عودته تركت له بعض من كلماتها الدافئة .

باسم لايعلم بأن غيابه عنها يمزق قلبها في كل لحظة ..وبأن جفونها قد جرحها الدمع من بعده .
تقاوم حزنها واحتياجها له دون أن تشتكي أو تعاتب .أثر ذلك على صحتها كثيراً.فأصبحت تعاني من آلام في صدرها من شدة الضيق والكتمان .

رزق باسم بمولودٍ جديد فرح به كثيراًوازداد به تعلقاً بأسرته الأولى وانشغالاً عن زوجته حنان

حنان تحدث باسم في جلسةٍ هادئةٍ أمام التلفاز بعد أن أنهى عمله في ساعة متأخرة من الليل :باسم ألم تشتاق للبحر حيث كنا نجلس وليس معنا سوى القمر يسمعنا ويضحك معنا نسامره ونبث له مشاعرنا !!
اشتقت لك كثيراً ولحنانك ودفئك .
باسم :أنا أيضاً اشتقت لك ولتلك الأيام الجميلة لكن الحياة تجبرني على الابتعاد عنك .
الضغوط النفسية والجسدية التي أعيشها طيلة النهار تجعلني لا أفكر حتى بنفسي .
أنتظر متى أعود للبيت كي ألقي بجسدي المنهك على سريري لأعود اليوم التالي لنفس العناء .

حنان :أعانك الله لكنك الآن لست كما عرفتك ,باسم الحنون الذي يشتلق لحبيبته ولا يستطيع الاستغناء عنها

باسم :وهل يساورك الشك للحظة بأني لا أحبك .

حنان :لا أقصد ذلك .لكن الحب كالنبتة إذا لم نروه يذبل ويموت .

باسم :هذا قدرنا وعلينا أن نرضى به .

.................

بعد أيام

باسم يقرر أن يسافر مع أسرته لقضاء الإجازة الصيفية.

جهزت حنان حقيبتها لتقضي عدة أيامٍ في منزل أهلها .
تمضي مع والديها وأختها زهراء وأطفالها أياماً دافئة .لكنها رغم ذلك تشعر بغربة بعيداً عن باسم الذي لايغيب عن مخيلتها أبداً .
تعد الأيام بالساعات والدقائق تترقب يوم عودته سالماً
هاتفها ليعلمها بوقت عودته
فرحت كثيراً وذهبت لشقتها كي تنظفها وتجهز لباسم كل مايحبه .

كانت برفقتها أختها زهراء وصديقتها فاطمة تساعدانها في إنهاء عملها .
أحست حنان بتعب ودوار في رأسها فأصرت الإثنتان على أخذها للمستشفى .

يا لهذا الخبر السعيد الذي جعلها تطير فرحاً تنتظر أن ترى باسم كي تزف له هذه البشرى .

بعد عامين من الانتظار سيرزقها الله بطفل يملأ دنياها بهجة ويجعل لأيامها معنى .

هذه الليلة يعود باسم
خرجت حنان كي تشتري الزهور وهدية لحبيبها باسم

عادت وإرتدت أجمل الثياب ,صففت شعرها كما يحب ,تزينت وجلست على كرسيها الهزاز تنتظره.

فتح الباب
تفاجئ بما أعدته له من أجواء حالمة .
وجدها نائمةً كالملاك وهي في أبها حلة .
قبل جبينها .أمسك بيدها قبلها ...

أيقظها فلم تستيقظ ....

حركها

فإذا بها قد فارقت الحياة.

.

.
حلقت روحها إلى خالقها
وهي تشعر بالرضا
حقق الله لها ما أرادت ..كانت أقصى أمنياتها أن تكون لباسم ويكون لها ولو للحظةٍ واحدة.
قلبها ذاب حباً حتى تصاعدت ذراته
ليمطر حباً
ليغسل القلوب فتغدوا بيضاء
ليروي قصة حبٍ طاهر
لقلبٍ طاهر آلى أن لا يظلم
أن لا يتسخ برماد الدنيا

......
غرفتها
قنينة عطرها
كتبها
أعواد الرياحين التي يراها كل ليلة
بجانب مخدته
كل شيء
يصرخ في وجهه
رحلت
فوق النعش
وهي تغطى بالتراب
يتخيلها تمزق ذلك الكفن
لتعود لأحضانه
ليقول لها
أحبك
حنان
علمت باسم أبجدية الحب
علمته بأن الحياة لا قيمة لها بلا حب
علمته أن الحب هو حنان

*****

قصة روووووعة اتمنى تقرؤها
:cry: :cry: :cry: :cry:

قصة وحدة من منطقتنا

تحياااااتي

m!ss world

يسلمو خيتو ع القصة الروعة